فصل: القراءات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفيروزابادي:

بصيرة في الإخلاص:
وقد ورد في القرآن على وجوه:
الأَوّل: قال في حقّ الكفَّار عند مشاهدتهم البلاءَ: {دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
الثانى: في أَمر المؤمنين: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
الثَّالث: في أَنَّ المؤمنين لم يؤمروا إِلاَّ به: {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ}.
الرّابع: في حقّ الأَنبياءِ {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ}.
الخامس: في المنافقين إِذا تابوا: {وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ}.
السّادس: أَنَّ الجنَّة لم تصلح إِلاَّ لأَهله: {إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}.
السّابع: لم يَنْجُ من شَرَك تلبيس إِبليس إِلاَّ أَهله: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}. وقيل: الناس كلُّهم هلكى إِلاَّ العالمون. والعالمون كلُّهم موتى إِلاَّ العامِلون، والعاملون كلُّهم حَيَارَى إِلاَّ المخلصون. والمخلصون على خَطَر عظيم. وفي الأَحاديث القدسيّة: «الإِخلاص سِرّ من سِرّى استودعته قلبَ من أَحبَبْتُهُ من عبادى».
وإِخلاص المسملين: أَنَّهم تبرّءوا ممّا يدّعيه اليهود: من التشبيه، والنَّصارى: من التَّثليث. فحقيقة الإِخلاص: التعرّى مِن دون الله. و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} سمّيت سورة الإِخلاص؛ لأَنَّها خالص التَّوحيد؛ وسبب خلاص أَهله. اهـ.

.كلام نفيس في الإخلاص:

وقد تنوعت عبارتهم في الإخلاص والصدق والقصد واحد فقيل: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة وقيل: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين وقيل: التوقي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك والصدق التنقي من مطالعة النفس فالمخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب له ولا يتم الإخلاص إلا بالصدق ولا الصدق إلا بالإخلاص ولا يتمان إلا بالصبر.
وقيل: من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص فنقصان كل مخلص في إخلاصه: بقدر رؤية إخلاصه فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص صار مخلصا مخلصا وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن والرياء: أن يكون ظاهره خيرا من باطنه والصدق في الإخلاص: أن يكون باطنه أعمر من ظاهره وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله ومن كلام الفضيل ترك العمل من أجل الناس: رياء والعمل من أجل الناس: شرك والإخلاص: أن يعافيك الله منهما.
أحدهما: مطالعة عيوبه وآفاته وتقصيره فيه وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان فقل عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل وللنفس فيه حظ سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في صلاته فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
فإذا كان هذا التفات طرفه أو لحظه فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله هذا أعظم نصيب الشيطان من العبودية.
وقال ابن مسعود لا يجعل أحدكم للشيطان حظا من صلاته يرى أن حقا عليه: أن لا ينصرف إلا عن يمينه فجعل هذا القدر اليسير النزر حظا ونصيبا للشيطان من صلاة العبد فما الظن بما فوقه وأما حظ النفس من العمل: فلا يعرفه إلا أهل البصائر الصادقون الثاني: علمه بما يستحقه الرب جل جلاله: من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة والباطنة وشروطها وأن العبد أضعف وأعجز وأقل من أن يوفيها حقا وأن يرضى بها لربه فالعارف لا يرضى بشيء من عمله لربه ولا يرضى نفسه لله طرفة عين ويستحيي من مقابلة الله بعمله فسوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها وكراهته لأنفاسه وصعودها إلى الله: يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه وكان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ثم يقبض على لحيته ويهزها ويقول لنفسه: يا مأوى كل سوء وهل رضيتك لله طرفة عين.
وقال بعضهم: آفة العبد رضاه عن نفسه ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيء منها فقد أهلكها ومن لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور.

.قال ابن القيم:

قال صاحب المنازل: الدرجة الثانية: الخجل من العمل مع بذل المجهود وتوفير الجهد بالاحتماء من الشهود ورؤية العمل في نور التوفيق من عين الجود.
هذه ثلاثة أمور خجلة من عمله وهو شدة حيائه من الله إذ لم ير ذلك العمل صالحا له مع بذل مجهوده فيه قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}: أنهم إلى ربهم راجعون [المؤمنون: 60] قال النبي صلى الله عليه وسلم: هو الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه وقال بعضهم: إني لأصلي ركعتين فأقوم عنهما بمنزلة السارق أو الزاني الذي يراه الناس حياء من الله عز وجل فالمؤمن: جمع إحسانا في مخافة وسوء ظن بنفسه والمغرور: حسن الظن بنفسه مع إساءته الثاني: توفير الجهد باحتمائه من الشهود أي يأتي بجهد الطاقة في تصحيح العمل محتميا عن شهوده منك وبك الثالث: أن تحتمي بنور التوفيق الذي ينور الله به بصيرة العبد فترى في ضوء ذلك النور: أن عملك من عين جوده لا بك ولا منك فقد اشتملت هذه الدرجة على خمسة أشياء: عمل واجتهاد فيه وخجل وحياء من الله عز وجل وصيانة عن شهوده منك ورؤيته من عين جود الله سبحانه ومنه قال: الدرجة الثالثة: إخلاص العمل بالخلاص من العمل تدعه يسير سير العلم وتسير أنت مشاهدا للحكم حرا من رق الرسم. اهـ.
وقال حجة الإسلام الغزالى- رحمه الله:
معنى الإخلاص أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شرك لغير الله فيكون الله محبوب قلبه ومعبود قلبه ومقصود قلبه فقط ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لأنها مانعة له من مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب فما حال من ليس له إلا محبوب واحد وقد طال اليه شوقه وتمادى عنه حبسه فخلى من السجن ومكن من المحبوب وروح بالأمن ابد الآباد فاحد أسباب ضعف حب الله في القلوب قوة حب الدنيا ومنه حب الأهل والمال والولد والأقارب والعقار والدواب والبساتين والمنتزهات حتى إن المتفرح بطيب أصوات الطيور وروح نسم الأسحار ملتفت إلى نعيم الدنيا ومتعرض لنقصان حب الله تعالى بسببه فبقدر ما أنس بالدنيا فينقص أنسه بالله ولا يؤتى أحد من الدنيا شيئا إلا وينقص بقدره من الآخرة بالضرورة كما أنه لا يقرب الإنسان من المشرق إلا ويبعد بالضرورة من المغرب بقدره ولا يطيب قلب امرأته إلا ويضيق به قلب ضرتها فالدنيا والآخرة ضرتان وهما كالمشرق والمغرب وقد انكشف ذلك لذوى القلوب انكشافا أوضح من الأبصار بالعين وسبيل قلع حب الدنيا من القلب سلوك طريق الزهد وملازمة الصبر والانقياد إليهما بزمام الخوف والرجاء. اهـ.

.بيان أقاويل الشيوخ في الإخلاص:

قال السوسى الإخلاص فقد رؤية الإخلاص فإن من شاهد في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص.
وما ذكره إشارة إلى تصفية العمل عن العجب بالفعل فإن الالتفات إلى الإخلاص والنظر إليه عجب وهو من جملة الآفات.
والخالص ما صفا عن جميع الآفات فهذا تعرض لآفة واحد وقال سهل رحمه الله تعالى الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة وهذه كلمة جامعة محيطة بالغرض وفي معناه قول إبراهيم بن أدهم الإخلاص صدق النية مع الله تعالى.
وقيل لسهل أى شيء أشد على النفس فقال الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب وقال رويم الإخلاص في العمل هو أن لا يريد صاحبه عليه عوضا في الدارين.
وهذا إشارة إلى أن حظوظ النفس آفة آجلا وعاجلا.
والعابد لأجل التنعم بالشهوات في الجنة معلول بل الحقيقة أن لا يراد بالعمل إلا وجه الله تعالى وهو إشارة إلى إخلاص الصديقين وهو الإخلاص المطلق.
فأما من يعمل لرجاء الجنة وخوف النار فهو مخلص بالإضافة إلى الحظوظ العاجلة وإلا فهو في طلب حظ البطن والفرج وإنما المطلوب الحق لذوى الألباب وجه الله تعالى فقط وهو القائل لا يتحرك الإنسان إلا لحظ والبراءة من الحظوظ صفة الإلهية ومن ادعى ذلك فهو كافر.
وقد قضى القاضى أبو بكر الباقلانى بتكفير من يدعى البراءة من الحظوظ وقال هذا من صفات الإلهية وما ذكره حق ولكن القوم إنما أرادوا به البراءة عما يسميه الناس حظوظا وهو الشهوات الموصوفة في الجنة فقط فأما التلذذ بمجرد المعرفة والمناجاة والنظر إلى وجه الله تعالى فهذا حظ هؤلاء وهذا لا يعده الناس حظا بل يتعجبون منه.
وهؤلاء لو عوضوا عما هم فيه من لذة الطاعة والمناجاة وملازمة السجود للحضرة الإلهية سرا وجهرا جميع نعيم الجنة لاستحقروه ولم يلتفتوا إليه فحركتهم لحظ وطاعتهم لحظ ولكن حظهم معبودهم فقط دون غيره.
وقال أبو عثمان الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط.
وهذا إشارة إلى آفة الرياء فقط ولذلك قال بعضهم الإخلاص في العمل أن لا يطلع عليه شيطان فيفسده ولا ملك فيكتبه فإنه إشارة إلى مجرد الإخفاء.
وقد قيل الإخلاص ما استتر عن الخلق وصفا عن العلائق.
وهذا أجمع للمقاصد.
وقال المحاسبى الإخلاص هو إخراج الخلق عن معاملة الرب.
وهذا إشارة إلى مجرد نفي الرياء.
وكذلك قول الخواص من شرب من كأس الرياسة فقد خرج عن إخلاص العبودية.
وقال الحواريون لعيسى عليه السلام ما الخالص من الأعمال فقال الذي يعمل لله تعالى لا يحب أن يحمده عليه أحد.
وهذا أيضا تعرض لترك الرياء وإنما خصه بالذكر لأنه أقوى الأسباب المشوشة للإخلاص.
وقال الجنيد الإخلاص تصفية العمل من الكدورات.
وقال الفضيل ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وقيل الإخلاص دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها.
وهذا هو البيان الكامل والأقاويل في هذا كثيرة ولا فائدة في تكثير النقل بعد انكشاف الحقيقة.
وإنما البيان الشافي بيان سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن الإخلاص فقال أن تقول ربى الله ثم تستقيم كما أمرت أى لا تعبد هواك ونفسك ولا تعبد إلا ربك وتستقيم في عبادته كما أمرت وهذا إشارة إلى قطع ما سوى الله عن مجرى النظر وهو الإخلاص حقا.
قال الحافظ العراقى: حديث سئل عن الإخلاص فقال أن تقول ربى الله ثم تستقيم كما أمرت لم أره بهذا اللفظ وللترمذى وصححه وابن ماجه من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي قلت يا رسول الله حدثنى بأمر أعتصم به قال قل ربى الله ثم استقم وهو عند مسلم بلفظ قل لى في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال قل آمنت بالله ثم استقم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (140):

قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان قد بقي من مباهتاتهم أنهم يدعون أن أسلافهم كانوا على دينهم فيكون دعواهم الاختصاص بالجنة صحيحة أبطلها سبحانه بقوله: {أم} أي أرجعوا عن قولهم: {كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا} [البقرة: 135] لما ثبت من مخالفة ذلك لملة إبراهيم وآله أم {تقولون} ولا يخفى أن التقدير على قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وحفص ورويس بالخطاب: أرجعتم عن قولكم: {إن إبراهيم} خليل الله {وإسماعيل وإسحاق} ابنيه {ويعقوب} ابن إسحاق {والأسباط} أولاد يعقوب {كانوا هودًا أو نصارى} لتصح دعواهم في أن الجنة خالصة لأهل ملتهم، فكأنه قيل: فما يقال لهم إن قالوا ذلك؟ فقيل: {قل أنتم أعلم} بذلك وبغيره {أم الله} الذي له الإحاطة كلها أعلم، فلا يمكنهم أن يقولوا: نحن، وإن قالوا: الله، فقد برّأ إبراهيم من ذلك فبطل ما ادعوا.
ولما كان العلم عندهم عن الله بأن الخليل ومن ذكر معه عليهم السلام على دين الإسلام وكانوا يكتمون ما عندهم من ذلك مع تقرير الله لهم واستخبارهم عنه ونهيه لهم عن كتمانه وما يقاربه بقوله: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} [البقرة: 42] وكان التقدير: فمن أظلم ممن ادعى أنه أعلم من الله بدعواه ذلك صريحًا أو لزومه له بإخباره بخلاف ما ثبت في القرآن المعلوم صدقه بإعجازه! قال تعالى عطفًا على هذا المقدور: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده} أي موجودة ومودعة عنده {من الله} أي كتمها من الملك الأعظم، أو هي عنده منه وهو يستخبره عنها مع علمه بأنه فاضحه لأنه العالم بالسرائر.
ولما كان التقدير: فإنه يعلم ما عمله من كتمانه عطف عليه ما هو أعم منه فقال: {وما الله} المحيط بكل شيء قدرة وعلمًا {بغافل عما تعملون} إشعارًا بصيغة المضارع بتماديهم بعد هذا كله على سوء أعمالهم وتحذيرًا من مثل ذلك. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{أم تقولون} بتاء الخطاب: ابن عامر وحمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر والحماد والمفضل، الباقون: بياء الغيبة.